الأربعاء، 6 أبريل 2016

ظل صانع الفيلم


ظل صانع الفيلم

The Shadow of The Film Maker

ان مصطلح - صناعة الفيلم الوثائقى
Documentary Film Making
يتضمن القدرة على رؤية العالم من خلال بلايين الجماجم - الادمغة فى نفس الوقت
ومن ثم الحصول على وثيقة بصرية تقوم على اساس وجهة النظر المشتركة
ولكن لاننا محصورين طوال حياتنا داخل جدران دماغنا الوحيدة ليس بامكاننا ان نفعل ذلك الانفصال لرؤيتا عن الانا
فبينما ارى رجلا عجوزا لاحول ولا قوة نازلا على سلالم منزله فى الصباح الباكر انت على العكس قد تفسر نفس المشهد
على انه صعلوك عجوز يترك المنزل من اجل ان يقوم باعمال شريرة بين البشر
قبل ان تسنح لهم الفرصة ليتاهبوا لمواجهة هذا العالم
كل شىء من وجهه نظر المراقب) كما همست امرأة عجوز وهى تقبل وتداعب كلابها الصغيرة صباحا وكأنها تلقى عليهم تحية الصباح )
ان الفيلم الوثائقى دائما ما يسخر من اسمه لانه ينزع بوضوح الى الدخول فى منطقة الرواية
وبالطبع يمكن للسيد الشريف (الفيلم الوثائقى ) ان يبرر هذا الانتهاك بادعائه ان ينتقم من السيد الشريف - الفيلم الروائى
الذى يتجاوز حدوده دائما ويدخل منطقة الوثائقى
يا لهما من زوج / ثنائى غريب دائما يدخلان فى نقاش لاينتهى حول ايهما يصف الواقع بدقة ويعكس الصور التى تتصارع داخل جمجمتيهما
ومن ثم قررت منذ فنرة بعيدة ان انظر الى كليهما كعاشقين اتحدا ثم نتيجة قدرتهما المشتركة عملا على تكثيف ما يبدو لهما جميلا فى تجربتهما الحياتية الخاصة

لايوجد شيئا اسمه صناعة الفيلم الوثائقى :

فحتى كاميرات المراقبة فى محلات السوبر ماركت والبنوك التى تتجسس على العملاء تنقل الحقيقة كما ترى ( من خلال رؤية عين واحدة ) من داخل
ذاتيتنا الخاصة نمزج القطع المرئية المتناثرة من العالم مع مشاعرنا وامالنا ومخاوفنا وتخيلاتنا
مثل الموسيقى فالصور المرئية تمثل نسقا شعوريا خالصا ولا يمكن ادراك جمال صناعة الفيلم الا من خلال فهم تلك الحقيقة
وان حاولت ان تجعل من عقلك مرآة لوجه العالم المفتوح فستخلق طبقة ثالثة ليست لها علاقة بالوقائع الحقيقية
ولكنها وثيقة الارتباط بالرغبة الكامنة فى مشاركة الافكار الداخلية للمرء فى جانب معين منتقى من الحياة
ان العامل الحاسم ليس الدقة ولكن الامانة وربما لو شوهنا الوقائع ومن ثم انجرفنا الى ارض الخيال والكذب الصريح قد تنتهى
بالقرب من الحقيقة وذلك يعنى شيئا ما بالنسبة لحياة آناس آخرين
فلنرحب بالكاذبين طالما كانت رغبتنا الشعورية فى سرد حكايتنا رغبة حقيقية

الافلام الوثائقية لايجب ان تحترم نفسها :

منذ ان ادركت ان صناعة الفيلم الوثائقى امرا شديد الذاتية كثيرا ما ادهشتنى تلك النظافة الموجودة فى العديد من افلامنا
ولشد ما افتقد الافلام التى صنعها اناس وليس قديسين اناس قد تعذبهم الغيرة والكراهية والجشع والشهوة ويستطيعون ان يعطوا
لتلك المشاعر المتدفقة روحا وبعدا بصريا يمكن ان يشتركوا فيه مع جزء مرموق من الجمهور
بيد ان عندما نتكلم عن الوثائقيين / التسجيليين يظن صناع الافلام لسبب لاادريه ان عليهم ان يكونوا على قمة الجبل ليعظوا
حول فضيله ان تفعل الشىء الصحيح بدلا من ان يعانوا حقا من االذهنية التى يصورونها
ان التزامنا الوحيد تجاه عالم الاخلاقيات هو الامانة والفضول الحقيقى لمعرفة الحياة
فنحن لسنا قضاه ولا نظار مدارس ولا كهنة ولا صحافيين وليس علينا بالضرورة ان نكون اكثر حكمة من اولئك الذين
يقفون امام الكاميرا وان ندعى اننا افضل منهم
فمن الممكن ان نكون مذنبون كجحيم ونتفوق كصناع افلام طالما ظلت ايدينا مطلقة الحرية كى تبدع
ان الفن والسلوك الحسن / الجيد غرباء ولايمكن ان يلتقيا فلقاؤهما يعنى الدمار المشترك

ثمة ظل قوى دائما من داخلنا على موضوعاتنا :

علينا ان نحافظ فى عقولنا دائما بان ما سنراه على الشاشة هو الطريقة التى طبخنا بها شخصياتنا امام عدسات الكاميرا
فنحن نغير العالم وسكانه كى يتوائما مع الصورة الذهنية التى نسقطها على الواقع
وبالطبع نجن نكشف انفسنا كما نكشف ابطالنا سريعا وربما نكشف وربما نكشف عن انفسنا اكثر
ولاتوجد علاقة حتمية بين مضمون الفيلم وبين شخصياته متى انتهى الفيلم وانفصلت تلك الشخصيات عن السياق الذى خلقناه للعالم بحرص شديد
لكن يظل صانع الفيلم لاعبا اساسيا رئيسيا فى النهائية
وحتى لو كان الكثير من صناع الافلام خجولين ولايرغبون فى دخول دائرة الاضواء ستحمل افلامنا انوفا مكسورة لو كانت انوفنا مكسورة
وليس بوسعنا الا ان نفرض انفسنا على العالم امام كاميراتنا والحمد لله على هذا
فالشخص الذى لايملك بصمات اصابع ان هو الا انسان ألى
Robot
وعلى قدر علمى لم تصنع الاناس الالية افلاما حتى الان


اعداد وترجمة
على نبوى عبد العزيز
ناقد سينمائى سكندرى
-------------------------

هوامش
كاتب المقال المخرج الدانمركى : يون بانج كارلسون
http://www.imdb.com/name/nm0051894/?ref_=fn_al_nm_1
Jon Bang Carlsen
فى نشرة مهرجان البلطيق السينمائى السادس



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق